مالذى نعرفه عن الكون؟..وماهى صورتنا عنه؟..من أين أتى الكون؟..وهل له بداية ونهاية؟..وماهو الزمن ؟..وما كنهه وماهيته؟..وهل هناك بداية ونهاية للزمان؟...
من أولى المحاولات لتخيل صورة الكون هى محاولة الفيلسوف الاغريقى أرسطو حيث اعتقد أرسطو أن الأرض كرة مستديرة وليست مسطحة كما كان يعتقد من قبل..وكانت علته فى ذلك راجعة لعدة أسباب أولها أن خسوف القمر يحدث عندما تكون الارض بين الشمس والقمر وظل الأرض يكون مستديرا على القمر وهذا يوضح أن الأرض كرة مستديرة ولو كانت الأرض قرصا مسطحا لاصبح ظلها على القمرمطولا اهليليجيا...
والسبب الثاني أن النجم الشمالى عند رؤيته في الجنوب يكون منخفضا فى السماء عن الشمال..
أما السبب الاخير أنه عندما تكون سفينة مقبلة عليك من الأفق فإنك ترى اشرعتها أولا ثم ترى جسمها بعد ذلك وهذا لا يتأتى الا إذا كانت الأرض كروية مستديرة..
ولكن أرسطو كان لديه اعتقاد خاطئ بأن الأرض هى مركز الكون ..حيث أعتقد أن الأرض ثابتة والكواكب والشمس تدور حولها.
واتفق بطليموس معه فى هذا الاعتقاد بل وطوره إلى نموذج متكامل تدور فيه الشمس والكواكب حول الأرض.
إلا أن فى القرن السادس عشر تم طرح نموذج آخر بواسطة عالم الفلك نيكولاس كوبرنيكوس وقال فيه أن الشمس هى المركز والأرض والكواكب تدور حولها..كان هذا الأمر منافى للدين وقتها حيث كان يعتقد بالمبدأ الانسانى وهو أن الأرض لها وضعية متميزة حيث هى مركز الكون واى شئ غير ذلك ينفى وضعية الأرض المميزة وينافى الدين والإيمان...
وبعدها جاء كبلر وجاليليو جاليليه وايدا نظرية كوبرنيكوس وفى بدايات القرن السابع عشر رصد جاليليو جاليليه كوكب المشتري واقماره ووجد أن اقمار المشترى تدور حوله وليست كما كانت فى نموذج بطليموس أن كل الاقمار والكواكب والشمس والنجوم تدور حول الأرض...لذا فليس من الحقيقة أن كل شيء يدور حول الأرض.....
وطور كبلر الفكرة وقال أن الكواكب تدور حول الشمس في مسارات اهليليجية وليست دوائر إنما فى دوائر مطولة وهذا هو الشكل الاهليليجى......
وقد عانى جاليليو جاليليه الأمرين لدى اكتشافه تلك النظرية الخاصة بمركزية الشمس وليس الأرض حيث اتهمته الكنيسة بالهرطقة وكاد أن يعدم لولا أن تخلى عن أقواله بمركزية الشمس.....
إلا أن الفتح الحقيقي فى العلم وفى رصد صورة العلماء عن الكون كان فى إبداع إيزاك نيوتن وذلك عندما أتى بقوانين الجاذبية وميكانيكا الحركة الكلاسيكية للأجسام وذلك فى كتابه (المبادئ الرياضية للفلسفة الطبيعية)وبهذا اكتمل نموذج جاليليو وكبلر حيث أتى نيوتن بالتفسير الرياضى اللازم لحركة الكواكب حول الشمس وحركة القمر حول الأرض ولماذا هى فى مسارات اهليليجية وليست دائرية.....
إلا أن ميكانيكا نيوتن أثارت مشكلة خاصة بتوزيع النجوم في الكون ..وهل الكون متناهى استاتيكى كما كان يعتقد دائما أم لا؟......
إلا أن الفيلسوف الألماني الكبير ايمانويل كانط تناول تلك المشكلة فى كتابه (نقد العقل الخالص)فى القرن الثامن عشر واثار نقطتين كبيرتين وهما تعتبرا حجتين على أن الكون متناهى أو لامتناهى اى له بداية أو ليس له بداية.......
وقال كانط أن إذا لم يكن للكون بداية فسيكون هناك فترة لانهائية قبل كل حدث وإذا كانت له بداية فستكون هناك فترة زمان لانهائيه قبله......
أما بالنسبة إلى أن الكون استاتيكى أم لا..فالعجيب أن مخيلة العلماء لم تجب عن فكرة أن الكون يتمدد أم لا حتى أتى القرن العشرين الذى لم يطلق عليه قرن الفيزياء من فراغ..حيث تمت معظم الاكتشافات الفيزيائية الحديثة فيه ..وتمت صياغة واكتشاف النظريات الفيزيائية الكبرى فيه أيضا.....
وفى القرن العشرين رصد ادوين هابل بتلسكوبه نزوح المجرات البعيدة وتحركها بعيدا عنا وهذا كان أكبر الدلائل على أن الكون يتمدد....
وللتوضيح الأمر أشبه بالبالون الصغيرة إذا رسمنا عليها نجوما ..فيكون البالون هو الكون والنجوم على سطح البالون هى نجوم كوننا... فإذا نفخنا البالون فستبدو النجوم أنها تتحرك بعيداً عن بعضها... إذن فالكون يتمدد....
وأدى هذا الاكتشاف الى خروج نظرية الانفجار العظيم أو The big bang...لتفسير بداية ونشأة الكون ..وهى أهم نظريات الفيزياء الكونية عن نشأة الكون ..وتقول نظرية الانفجار العظيم أن الكون كان فى مايسمى بالمفردة أو الفذاذة Singularity
وهى نقطة متناهية الصغر بها كثافة لامتناهية والمكان والزمان يساويان صفر ونتيجة للحرارة والضغط الشديدين أدى ذلك لانبعاث الكون من المفردة لتكون بداية الكون....
لذا فالزمان بدايته مع بداية الكون ..يمكن القول بذلك...ولايمكن تعريف الزمان قبله...
لذا فصورة الإنسان عن الكون تدرجت عبر الأزمنة من الخيال إلى النظريات إلى المشاهدات العلمية وغيرها..وتتطور يوماً عن يوم الأبحاث العلمية الخاصة بالكون والفيزياء الكونية لسبر أغوار الكون والطبيعة والبيئة التى نعيش فيها........