السبت، 4 سبتمبر 2021

العبقرية والالم.

 الذكاء هبة من أعظم هبات المولى عز وجل التى يهبها للإنسان..فهى الموهبة التى تنهض بالامم وتبنى الحضارة.. والأمثلة كثيرة على العباقرة واصحاب الذكاء الحاد الذين ابدعوا وابتكروا وكانوا سببا من أعظم الأسباب لنهضة أمتهم...........

جيمس وات قامت على اكتشافاته الثورة الصناعية..نيكولا تسلا نمت الفيزياء بناءا على مساهماته العبقرية..إيزاك نيوتن عرفنا على أحد أهم القوى فى الفيزياء وهى التثاقل أو الجاذبية وفتح باب الميكانيكا الكلاسيكية بقوانينها العميقة الفذة...البرت اينشتاين نظر نظرة مختلفة للاثير وللكون وشكلت أفكاره ثورة كبيرة على المفاهيم القديمة السائدة فى الفيزياء...ريتشارد فاينمان ومبادئه فى مسارات الجسيمات والتى تعتبر لبنة هامة من لبنات ميكانيكا الكم...لابلاس والحتمية العلمية...هايزنبرج وعدم اليقين..موتسارت وسيمفونياته الخلابة...بيتهوفن وموهبته الموسيقية الفذة...راماناجون ومنطقه الرياضى وإسهاماته اللامحدودة فى علم الرياضيات..جاوس ونظرياته فى السطوح المنحنية والكروية....شتراوس وارشميدس..بلزاك وافلاطون..يوربيدس وباسكال...شكسبير وسقراط...جون ميلتون وايروين شرودينجر...أرسطو وبيكاسو..جويا وديكنز..سيرفانتس وفيرمى...............

اذا ظللنا نعدد العباقرة على مدار التاريخ الإنساني فلن ننتهى...فى العلم والفن والأدب والفلسفة والشعر والموسيقى وغيرها من المجالات العلمية والإنسانية...............

والسؤال هنا وهو موضوع المقالة...هل لابد للعباقرة أن يحيوا فى ألم؟...هل بهذا ينقلب الذكاء من نعمة الى نقمة؟.....ما الحقيقة؟.............

ولكى اجيب على هذا السؤال استعرض معكم سيرة علماء وفلاسفة أودت بهم عبقريتهم الى آلام منها الى مصير مجهول ومنها إلى الم فى بعض مناحى حياتهم ثم خلصت بهم إلى الاستقرار والسعادة...........

فمثلا الفيلسوف فردريك نيتشه ظل يبحث عن الكمال وعن الذات الإلهية فاودت به أفكاره إلى أن اصيب بلوثة عقلية فى سن الواحد والثلاثون واودع المصح العقلى ثم مات فى سن الأربعين............

وهناك عالم الرياضيات جون ناش العبقرى الذى ذاق الأمرين نتيجة إصابته بالفصام أو السكيزوفرينيا..وتخيل أشخاص واحداث من نسج خياله إلا أنه تعامل مع الأمر تحت إشراف الأطباء وفاز بنوبل فى الاقتصاد فى عام ١٩٩٤م..مع انه لم يشفى من هذا المرض بشكل نهائى الا انه تجاهل الأشخاص والاحداث التى ينسجها خياله بناء على رأى اطبائه .........

وهكذا يتضح لنا بما أن التاريخ الإنساني يعج بالعباقرة فمنهم من عاش حياة سعيدة مليئة بالابداع ومنهم من عاش فى الم...الأمر ليس مربوطا بالعبقرية ....ولقد تناولت موضوعا مشابها لهذا فى مقالة سابقة بعنوان:الثقافة والاكتئاب.

تناولت فيها علاقة الثقافة بالاكتئاب وهو مرض العصر وكان الحل فى رايى أن لايستهلك المثقف نفسه فى معارك جانبية ويجب أن يركز فى هدفه .....أما بالنسبة لعلاقة العبقرية بالألم ...ولتفادى مصير فردريك نيتشه..يجب أن يغلف الذكاء بالإيمان...والاعتقاد فى محدودية العقل مهما بلغ ذكائه فلن يبلغ الكمال...والكمال لله وحده....ونعم هناك عباقرة عاشوا فى الم ..صحيح مثل جون ناش كان قدره هكذا..ولكن هذا لا يعنى أن الذكاء نقمة بل هو نعمة كبيرة فى كل الأحوال وتنقلب إلى نقمة كبيرة إذا استخدمت لشر البشرية ولم تهدف إلى الخير والحق ........

اخيرا أود أن أذكر أن كلمة عبقرى كلمة عربية قديمة استقاها العرب من وادى عبقر وهو وادى كان يعتقد العرب أن الجن يسكنه...فالعبقرى هو القادر على فعل اشياء جهنمية غير متوقعة من البشر...........   


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق