الجمعة، 20 نوفمبر 2020

الثقافة و الاكتئاب.

 الثقافة لها تعريفات ومحددات عديدة منها مثلا التعريف الشائع وهو ان تعرف شئ عن كل شئ وكل شئ عن شئ ومنها مثلا ان تكون ملما بقضايا مجتمعك وقارئ للاحداث الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية...ولكن فى رايى ان الثقافة هى اسلوب حياة كما ذكرنا فى احد المقالات السابقة بعنوان:ما تعريف الثقافة ومن هو المثقف.

لذا اخبرنى كيف تعيش كافة جوانب حياتك اخبرك هل انت مثقف ام لا ؟...فالثقافة اسلوب حياة كما ذكرنا آنفاً....والثقافة فى حد ذاتها نعمة كبيرة...بالطبع نعمة كبيرة ان تكون ملما بموضوعات فكرية وفلسفية وعلمية شتى ولك راى فى كثير من الموضوعات ..راى موضوعى ايجابى ووجهة نظر ثاقبة...ان تكون كما يقال book worm دودة كتب ...ان تكون مثقفا حالما بالمثالية وبنموذج يوتوبيا الأخلاق والقيم الإنسانية بين البشر...كل هذا يعد نعمة كبيرة يجب ان تغلف بالعقلانية حتى لا تكون عرضة للتفكير الزائد عن الحد وتتحول النعمة الى نقمة....وهناك دراسات علمية عديدة تربط بين الثقافة ومرض الاكتئاب ..وتشير تلك الدراسات الى وجود علاقة طردية بين الثقافة ومرض الاكتئاب...وهو احد امراض هذا العصر التى اصبحت شائعة بين كبار السن والشباب على حد سواء....فالثقافة تؤدى الى التفكير الزائد....ونحن نعرف ان كثير من العباقرة عاشوا فى الم...الم التفكير فى المستقبل..الم الطموح..الم تمنى ان يذكرك التاريخ..الم النوستالجيا او الحنين الى الماضى ....الم الذكريات...الم الخوف من المجهول ....الم يولد الابداع...والم الخوف من تناقص الإبداع مع مرور العمر...الم الهواجس والافكار...الم التفكير فى هذا الامر او ذاك...الم الخوف الزائد او التفكير  والارهاصات الزائدة.....الم حمل قضايا ومعارك فكرية كبيرة....الم تمنى المثالية ورجوع القيم بين الناس.....كلها آلام غرق فيها المفكرين والعباقرة والمثقفين.....وكما قال الشاعر العباسى ابو الطيب المتنبى...

ذو العقل يشقى فى النعيم بعقله........واخو الجهالة فى الشقاوة ينعم..........

اذن فما الحل...كيف يكون المثقف- وهو حامل تراث الامة ونبراس نهضتها -على هذا النحو من الثقافة الفكرية ولا يكون عرضة للعزلة والاكتئاب...الحل ان يكون عقلانيا لا يحاول التفكير فى معارك تستهلك وقته وفكره ومجهوده...ان لا يدخل فى معارك جانبية تستنفذه....ويكون له هدف واضح لا يحيد عنه ولا يلتفت الى اى شئ يبعده عن هدفه....فالملتفت لا يصل....كل هذا فى حد ذاته سيبعد التفكير والهواجس الزائدة لدى المثقف...وسيجعل تفكيره وابداعه ينصب على القضايا الفكرية وتطوير وطنه وامته....جدير بالذكر ان هوليوود انتجت منذ عدة سنوات فيلم من بطولة كريستينا ريتشى عنوانه Prozac nation او امة البروزاك ...لتعبر عن اصابة نسبة كبيرة من الشباب والمراهقين فى الولايات المتحدة الأمريكية بالاكتئاب ....والبروزاك هو من اهم الادوية المضادة للاكتئاب....وبما انه مرض العصر فيجب ان يكون المثقف على دراية ان العزلة تؤدى للاكتئاب...والعزلة تاتى من استهلاك النفس فى امور شتى لا طائل منها.....حتى يتسلل شعور لدى المثقف انه لا خير فى البشر ...وان المثالية الحالمة التى يرجوها لن تتحقق...وهذا غير صحيح....لان المثالية نسبية ...والبشر يقيمون بايجابياتهم بجانب سلبياتهم...ولذا كما قلنا سابقاً ...تجاهل المعارك الجانبية واجعل هدفك نصب اعينك وتذكر قول الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ...الخير فى وفى امتى الى يوم الدين...... وحتى لو كان هذا حديث ضعيف او موضوع فالمعنى صحيح لقوله تعالى (كنتم خير امة اخرجت للناس)  ..................

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق