لقد كانت نظرية الميكانيكا الكلاسيكية لايزاك نيوتن أثرها البالغ على كثير من النظريات والفرضيات وعلى العلماء والمفكرين الذين وضعوا نظريات مبنية ومعتمدة على أفكار نيوتن عن الجاذبية وميكانيكا الكون......
من هؤلاء العلماء العالم الفرنسى بيير دى لا بلاس .. والذى توصل إلى فرضية أن الكون محتم وغير عشوائي ويمكن التنبؤ بميكانيكا الأجسام فيه.......
ولذلك طبقا لفرضية لابلاس يمكن التنبؤ بكل شئ فى الكون اذا عرفنا الحالة الحالية للكون ..فلو كان عندنا المعلومات الكافية عن مواضع وسرعات الأجسام الكونية مثل الشمس والكواكب فسنتمكن من التنبؤ بمستقبل النظام الشمسي فى اى وقت وذلك عن طريق استخدام قوانين نيوتن......
وذهب لابلاس لأبعد من تلك الفرضية بأن افترض أنه يمكن عن طريق نظريته التنبؤ بالسلوك الانسانى أيضاً.......
إلا أن ذلك المبدأ الخاص بلابلاس- والذى سمى مبدأ الحتمية العلمية -ظهر له معارضات عن طريق بعض المشاهدات العلمية مثل إشعاع الطاقة من النجوم والاجسام الساخنة إلا أن تم التغلب عليها بما اقترحه العالم الألماني ماكس بلانك فى نظريته عن كمات الضوء والأشعة......
ناهيك عن معارضة البعض لمبدأ الحتمية العلمية لأنه يعارض الحرية الإلهية ........
ولكن فى عشرينيات القرن العشرين جاء عالم المانى اخر هو فرنر هايزنبرج ليدحض ذلك المبدأ ويفنده ويهدمه هدما مطلقا عن طريق المبدأ الذى وضعه ..وهو مبدأ عدم اليقين....
نص مبدأ عدم اليقين لهايزنبرج أنه لكى نتنبأ بحالة الأجسام فى المستقبل يجب أن نعرف بدقة مواضعها وسرعاتها فى الوقت الحالى ولكى تعرف الموضع يجب أن تسلط كم ضوئى على الجسيم ذا طول موجة قصير على الجسيم لكى تعرف موضعه الاان ذلك الكم الضوئى سيحدث اضطرابا فى سرعة الجسيم...واذا اردت ان تكون أكثر دقة فى تحديد موضع الجسيم ستحتاج إلى طول موجة اقصر وبالتالى تزداد طاقة الكم مما سيحدث اضطرابا اكبر فى سرعة الجسيم.........
وبالتالى إذا ازدادت الدقة فى تحديد الموضع قلت الدقة فى تحديد السرعة ...لذلك لا يمكننا تحديد الموضع والسرعة بدقة معا.....لذلك فلايمكننا التنبؤ بمستقبل الجسيمات...مما يعارض مبدأ الحتمية العلمية لبيير دى لابلاس........
وعلى مبدأ عدم اليقين تأسست ميكانيكا الكم وهى واحدة من أعظم واهم النظريات العلمية فى الفيزياء والتى ساهم فيها علماء كثيرون مثل هايزنبرج وبول ديراك وماكس بلانك وايروين شرودنجر وفولفجانج بولى وايسيدور ايسك رابى وغيرهم.........
وبالطبع المساهم الأول والذى فتح ذلك الباب الكبير لميكانيكا الكم هو ألبرت اينشتاين بنظريته عن الانبعاث الكهروضوئي....وعارض اينشتاين ميكانيكا الكم ومبادئها حيث كان لايرى الكون عشوائيا ولا تحكمه الصدفة والاحتمالات كماتنص مبادئ ميكانيكا الكم.......
إلا أن ميكانيكا الكم ثبتت اوتادها فى العلم النظرى والتطبيقى يوم بعد يوم وقامت على أسسها معظم الاختراعات فى القرن العشرين وحتى يومنا هذا من التليفزيون للترانزستور للحاسوب ...وقامت على مبادئها علوم أيضاً مثل الكيمياء الحديثة والبيولوجيا الحديثة.........
والى الآن تحكم فيزياء الكون نظريتين واحدة للاجسام الكبيرة مثل الكواكب والاجسام الكونية وهى النسبية العامة لالبرت اينشتاين...والنظرية الأخرى هى ميكانيكا الكم والتى تحكم العالم الذرى والاجسام الذرية ودون الذرية.......
إلا أنه على المستوى الكبير فى الكون تظهر تأثيرات لميكانيكا الكم فى الثقوب السوداء والانفجار العظيم فى بداية الكون.....
ومازال امل العلماء ايجاد الشكل النهائي لنظرية كل شئ فى الفيزياء التى توحد النسبية العامة وميكانيكا الكم فى نظرية موحدة تحكم فيزياء الكون..وهناك محاولات بالفعل تتجلى فى نظريات مثل الجاذبية الكمية والبرانات ب و الأوتار الفائقة وغيرها من النظريات الذى يبذل العلماء فى صياغتها مساعى حثيثة لبلورة النظرية النهائية المتكاملة والموحدة.........
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق