مما لا يدع مجالا للشك ان نجاح الميكانيكا الكلاسيكية لايزاك نيوتن فى تفسير كثير من الظواهر الطبيعية ادى الى ان يضع العالم الفرنسى الماركيز بيير دى لابلاس نظريته الشهيرة والمعروفة باسم الحتمية العلمية scientific determinism حيث افترض لابلاس ان الكون محتم يمكن التنبؤ بمستقبله...وذلك عن طريق تحديد كميات فيزيائية للجسيمات..
فافترض لابلاس انه اذا حددنا كميات الموضع والسرعة للجسيمات فى الكون على سبيل المثال للشمس والكواكب فانه يمكن التنبؤ بمستقبلها ...
ولم يقف لابلاس عند هذا الحد انه يمكن التنبؤ بمستقبل الكون فقط بل قال انه يمكن التنبؤ بالسلوك البشرى الانسانى ايضا....واعتبر كثيرون ومنهم علماء الفيزياء انفسهم ان هذا المبدأ مبدأ الحادى يتعدى على الحرية الإلهية...وظلت الحتمية العلمية بين الرفض والقبول من اوائل القرن التاسع عشر- وهو الوقت الذى صاغ فيه لابلاس نظريته عن الحتمية العلمية-حتى اتى العام ١٩٢٦م حيث وضع فرنر هايزنبرج مبدأعدم اليقين uncertainty principle ...
والذى ينص على انه لكى يتم التنبؤ بمستقبل الجسيمات والكون يجب ان نحدد الموضع والسرعة الحاليين بدقة للجسيمات ...ويتم ذلك عن طريق تسليط ضوء على الجسيم..ويكون الضوء ذا طول موجى قصير لكى نقيس موضع الجسيم بدقة..الا ان طول الموجة القصير او الكم الضوئى يتسبب فى اضطراب سرعة الجسيم وتغيرها بشكل كبير ....
ونستخلص مما سبق ان عندقياس الموضع بدقة كبيرة تقل دقة قياس السرعة والعكس صحيح ...وبماانه لايمكن قياس تلك الكميتين الفيزيائيتين الموضع والسرعة بدقة كبيرة معا ...اذن فمبدا الحتمية العلمية ينهار.... ومبدأ عدم اليقين لهايزنبرج يتوسع فيثبت حتى لو استخدمنا طرق اخرى للقياس فلايمكن تحديد الموضع والسرعة بدقة معا ومعرفة قيمتهما.....وادى ذلك المبدأ-عدم اليقين- فى بداية وفتح باب كبير للعلم الفيزيائى اسمه ميكانيكا الكم...التى ساهم فيها علماء كثيرون من امثال ايروين شرودينجر وهايزنبرج وماكس بلانك وريتشارد فاينمان وبول ديراك وايسيدور ايسك رابى وفولفجانج بولى وغيرهم.........
وميكانيكا الكم تعتمد على الاحتمالات .... وكأنها علم احصائى او ماشابه....ولذلك فقد رفضها البرت اينشتاين رفضا تاما... وكان يردد عبارة (ان الله لا يلعب النرد) وكان مقتنعا ان الكون له قانون موحد لا يعتمد على الإحتمالات ...يطبق ذلك القانون على الاجسام الكبيرة كالمجرات والكوالكب وعلى الاجسام الصغيرة دون الذرية...ولذلك قضى ماتبقى من سنوات عمره فى التوحيد بين تلك النظريتين ...النسبية العامة التى تطبق على الاجسام الكبيرة ... وميكانيكا الكم التى تطبق على الأجسام دون الذرية الصغيرة...الا انه مات دون ان يصل لتلك القوانين الرياضية الانيقة التى توحد بين النظريتين....
وبينما كان البرت اينشتين فى همومه فى محاولة التوحيد بين النسبية العامة وميكانيكا الكم كانت ميكانيكا الكم تثبت اوتادها وترسخ جذورها عن طريق الكثير من الاكتشافات والابحاث والنظريات العلمية التى بنيت عليها مثل الكمبيوتر والليزر والتليفزيون وغيرها من الاكتشافات والاختراعات العلمية......
علما بان البرت اينشتين حاز على جائزة نوبل فى الفيزياء عام ١٩٢١م عن بحثه عن الانبعاث الكهروضوئى وهو من اوائل الأبحاث التى ساهمت فى بداية ميكانيكا الكم وفتح ذلك المجال...
وبالفعل فان النسبية العامة كما ذكرنا سابقا تطبق على الأجسام الكبيرة وميكانيكا الكم تطبق على الاجسام الصغيرة الذرية الا ان فى بعض الحالات الكبيرة مثل الثقوب السوداء والانفجار العظيم يكون تأثير ميكانيكا الكم حاضرا................
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق