السبت، 4 أبريل 2020

العلم والتفهم البديهى

لاشك ان العلم مهدد فى عالمنا اليوم من التآكل من عدة اطراف..هذه الاطراف تهدم العلم وتقضى على سلامته ومنطقه..منها مثلا العلم الردئ الذى لايقوم على منهج علمى سليم واسس علميه صحيحة..ومنها ايضا -وهو مانتكلم عنه فى هذه التدوينة-الفهم البديهى للعلم..وهو ما يعنى ان العلم يتماشى مع التفهم البديهى لمنطق الاشياء.. فيلجأ البعض الى الظن بان العلم الصحيح والجيد هو ما يطابق التفهم البديهى..ولكن اذا نظرنا نظرة اعمق للعلم ومفاهيمه ونظرياته ومبرهناته نجد ان العلم يخالف هذا فى الكثير والكثير من نظرياته وحقائقه..فمعظم الحقائق العلمية مخالفة للتفهم البديهى..فكروية الارض ودورانها حول محورها وحول الشمس ابعد ما يكون عن البديهية.. وتجربة جاليليو جاليلية واثباته ان سرعة سقوط الاشياء لا يختلف باختلاف وزنها هو مضاد للبديهية جدا...وان الضوء يتكون من سبعة اطياف مختلفة....وان نيوتن عندما وضع قوانين الحركة الثلاثة كان يصيغ قوانين بينها وبين البديهية مسافة كالتى بين المشرق والمغرب...ولذا فيجب على البعض ان لا يعتبر العلم غير صحيح فى منطقه لمجرد انه يخالف الفهم البديهى...فهذا يجعلنا ننكر العلم الذى يثبت يوما بعد يوم انه اكبر اسس نهضة الشعوب..فما نتخيله من كميات واشكال قد يكون ليس له اساس فى العلم وبعيد عن المنطق العلمى الصحيح...فاذا كان البعض ينتهج التصور البديهى للعلم فانه لايتصور ان عدد خلايا الجسم اكبر من عدد سكان الكرة الارضية..لان هذا مناف للبديهية..وايضا بلايين السنين تشكل العصور الجيولوجية..والصفائح التكتونية هى نظرية جيولوجية توضح كيف تكونت القارات والعالم على الكرة الارضية...كل ماسبق ترفضه البديهية...ولكن هل هو غير حقيقى ..بل هو حقيقى ومن ثوابت العلم التى اثبتها العلماء فى شتى العلوم سواء فيزيائية او بيولوجية او جيولوجية .....الخ....ولذا فيجب ان نعرف ان الطريقة التى يعمل بها العلم لا تطابق مانتصوره.. ولذا فالاكتشافات العلمية والنظريات واثباتاتها تتطلب جهدا عقليا وبدنيا ايضا...واذا كانت بديهية لما تتطلبت هذا الجهد..فاثبات ان الضوء ذات طبيعتين جسيمية وموجية تتطلب من العلماء محاولات على مر السنين بين الرفض والقبول بطبيعته الجسيمية فقظ ثم القبول بالطبيعتين بعد اكتشاف ظواهر تؤكد ان الضوء يتميز بالصفتين الجسيمية والموجية..ثم اثبات ذلك ليتقبله المجتمع العلمى ثم الناس وهو المنهج العلمى السليم ...ولم يكن ليوجد منهج علمى لوان اكتشاف النظريات واثباتها كان بديهيا....فما بالك بقوانين الفيزياء المعقدة سواء الفلكية مثل الثقوب السوداء ووجودها او فيزياء الهندسيات الفراغية او حتى ميكانيكا الكم التى هى اكثر فرع فى الفيزياء بعيد كل البعد عن البديهيات..فحقائق ميكانيكا الكم اغرب من الخيال ..فحدث ولا حرج من مسارات الجسيمات لريتشارد فاينمان الى وعى التجربة لوجود من يراقبها فيغير الجسيم من حركته عند مراقبته وقطة شرودينجر و...و...الخ ...ناهيك عن ان ميكانيكا الكم تقوم على الاحتمالات كانها علم احصائى او ماشابه.... هل هذا بديهى ؟..لا بالطبع ..ولذا فان العلم لايطابق البديهية فى معظم نظرياته..فاذا اردنا ان نفهم العلم لا يجب ان تقف فى طريقنا البديهيات..والا سيؤثر ذلك على الفهم السليم للعلم ونظرياته...حتى ان احد اقوى الاشياء الغير بديهية وهى رموز التجريد الرياضى تفسر طبيعة الاشياء بشكل كبير سواء فى العلوم الفيزيائية او البيولوجية او غيرها من العلوم......لذا فاختم بالقول ان لكى نفهم العلم فهما صحيحا وننساق وراء منطقه السليم يجب ان نفسره بعيدا عن التفهم البديهى..فمعظم حقائق وثوابت العلم لا تمت للبديهية بصلة..ومسار العلم يحتاج منا إلى البحث والاثبات..وليس التنظير والفهم البديهى..............

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق